مقالي الجديد في جريدة الميزان الاقتصادية ( جريدة مستقلة مصرية ) العدد الصادر بتاريخ الاحد 15/10/2017
_______________
المقايضة في الاقتصاد المصري قديما
كتبه محمد جمال سباق الحويطي
لم يقتصر المواطنين قديماً في ريف مصر على التعامل بالنقود في حياتهم اليومية أثناء عملية الشراء والبيع ،فقد عرفوا طرق اخرى أغنتهم عن النقود في كثير من التعاملات وهي التعامل بغلال المحاصيل الزراعية الذي ينتجها المزارع او بالتعامل بالطيور وبيض الدجاج التي تربى في المنازل وهو ما يعرف بنظام المقايضة.
ومن اشهر التعاملات بالمقايضة في ريف مصر مع "حلاق" القرية كما يطلق عليه "المزيّن" وهو ركن اساسي بالقرية وجزء لا يمكن الاستغناء عنه بكل مجتمع وبكل قرية من القرى او المدن فكان الحلاق يحلق للأطفال والرجال من كل اسرة كما انه يقوم بإجراء الختان للأطفال ويعالج بعض الامراض بالطب الشعبي ،وكان بالمقابل ينتظر موسم جني المحصول سواء كان قمح او عدس او فول ليأخذ حصته منها مقابل عملة طوال الموسم ،وبعدما ينتهي من المرور علي المزارعين واخذ حصته يقوم بعدها ببيع ما حصل عليه من غلال في الأسواق مقابل المال ،وذلك بعد أخذ احتياج بيته .
وكان الامر نفسه مع "شيخ الكُتَاب" الذي يعلم الاطفال القران الكريم ،ويحظى الكُتَاب باهتمام كبير من عوائل القرى ويعد من اهم معالم القرية ولا تخلوا اسرة من ارسال اطفالها للكُتَاب لتعلم قراءة القران الكريم واتمام حفظة ،وكان التعامل معه من خلال اما المحاصيل الزراعية او عن طريق الطيور وبيض الدجاج وكلاَ على قدر حالته الاجتماعية واستطاعته في الانفاق.
كما كانت النساء تتعامل مع "الدلالات" وهم نساء متجولات يمرون علي البيوت بالقرية لبيع الملابس والاقمشة واغراض البيت من ادوات منزلية فكان المقابل للشراء عن طريق التعامل بالغلال والطيور والبيض كأدوات اساسية متوفرة بأغلب البيوت البسيطة بالقرية
وكانت هذه المعاملات هي الطريقة المتبعة والمتداولة في كافة قرى ريف مصر فالذي ليس لديه ارض زراعية كان لا خيار له الا ان يدفع مقابل هذه الخدمات بالنقود البنكية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق