الثلاثاء، 3 أكتوبر 2017

مقال ( شهبندر التجار في المجتمع المصري )

مقال ( شهبندر التجار في المجتمع المصري ) 
نشر في جريدة الميزان الاقتصادية يوم الاحد الموافق 1-10-2017 وهي جريدة اسبوعية مستقلة توزع وتباع في جمهورية مصر العربية


لقراءة المقال على موقع الجريدة على هذا الرابط




شهبندر التجار هو رتبة لرئيس التجار وهو أغنى التجار وأفضلهم من حيث الجاه والمعرفة والظهور والعلاقات والدراية بأمور وقضايا التجار والأسواق وكان اختياره من بين التجار أنفسهم، ومن أهم المهن التى ظهرت فى عهدهم بيع الطعام والعطارة والبن والسكر والنجارة والحدادة وتجارة الذهب والحلى والأقمشة والمنسوجات.

فلم يكن شهبندر التجار مجرد لقب لكنه منصب مرموق يحظى باحترام من الدولة والعامة وكان هذا المنصب يدعم لهذا الشخص المكانة له ولأهله وطائفته.

 ويذكر الدكتور حسام عبدالمعطى فى كتاب «العائلة والثروة» حسب ما ورد فى الوثائق التجارية القديمة والعقود التى اطلع عليها أن شهبندر التجار كان من صلاحياته القيام بالمشاركة فى تعيين شيوخ الأسواق والسماسرة والدلالين وذلك من خلال التنسيق مع قاضى القضاة الذى كان يرسل شاهدين من المحكمة لكى يشهدا فى حضوره على رضا أهل السوق عن الشخص المرشح شيخاً للسوق أو شيخاً للدلالين والسماسرة وكان هؤلاء الشيوخ يقرون أمام شهبندر التجار على المحافظة على الأسس والقواعد السائدة فى السوق وعدم الخروج عنها، ومن واجبات شهبندر التجار أنه يتدخل لفض أية منازعات تتعلق بالتنظيمات الداخلية لطائفة التجار مثل «تعيينات مشايخ الأسواق والنقباء والأشراف أيضا على حل المشاكل والقضايا التجارية بالقاهرة».

ومن أشهرهم فى الربع الأول بالقرن العاشر الهجرى شهبندر التجار «أحمد بن محمد الرويعى» والذى تعود أصوله إلى الأندلس وقد انتقلت أسرته عقب سقوط غرناطة الى الإسكندرية وقد أصبح أهم شخصية فى التجار بالقاهرة حتى أنه سميت إحدى أهم المناطق التجارية والتى تفصل بين القاهرة العثمانية والفاطمية باسم الرويعى وهناك مسجد على أطرافها باسم مسجد الرويعى تخليداً له ولشهرته التى فاقت عالم التجارة فى مصر وقد تنازل عن المنصب إلى ابن أخيه «على بن محمد بن أحمد الرويعى» فى آخر أيامه لأنه كان الأقرب له والذى تعلم منه العمل التجارى والإدارة والحكمة.

أما فى منتصف القرن العاشر الهجرى كان شهبندر التجار هو «إسماعيل أبوطاقية الحمصى» وكان من الشوام الذين استقروا فى مصر للتجارة فى العهد العثمانى وكانت ثروته طائلة وشيد الأبنية والوكالات التجارية فى أحياء مصر وقام ببناء العديد من القصور والبيوت الكبرى والجوامع وقد أوقف وقفاً عظيماً لأهله قبل وفاته، وذكر عن حياته ودوره فى مصر الدكتور سمير عبدالمقصود فى كتاب «الشوام فى مصر» وقدمه بشهبندر تجار مصر وبلاد الحجاز الزينى إسماعيل بن فخر التجار الحاج شهاب الدين أحمد بن الخواجا أحمد بن الحاج يحى الشهير بأبى طاقية الحمصى.

وفى القرن الثانى عشر الهجرى، الثامن عشر الميلادى وأثناء الحملة الفرنسية على مصر كان شهبندر التجار هو السيد «أحمد المحروقى» وكان له دور سياسى وقت الحملة الفرنسية وجاء ذكره فى كتاب المؤرخ الجبرتى «عجايب الآثار فى التراجم والأخبار» أن شهبندر التجار أحمد المحروقى خرج على رأس جماعة من التجار ومن عامة القاهريين وبعض الأتراك والمغاربة ومعه نقيب الأشراف السيد عمر مكرم ليهاجموا مواقع الفرنسيين خارج باب النصر وكان هو والسيد عمر مكرم نقيب الأشراف يمران كل وقت بمواقع قتالهم للفرنسيين ليحثوا الناس ويدفعوهم للجهاد فكان المحروقى له دور سياسى بارز فى الدعم المالى والسياسى للدولة وقت الحملة الفرنسية على مصر.

وفى القرن الحادى عشر الهجرى تولى منصب شهبندر تجار مصر «محمد بن محمد بن قاسم الشرايبى» والذى تعود أصوله إلى مدينة فاس المغربية وقد تولى آل الشرايبى منصب شهبندر التجار لثروتهم الكبيرة ونفوذهم القوى بين عوائل التجار فى عهدهم.

وسرعان ما اختفى هذا اللقب مع اختفاء الخلافة العثمانية عن عالمنا، وأصبح اسم شهبندر التجار يراودنا فى المسلسلات التاريخية وألف ليلة وليلة والحكايات القديمة إلى أن استبدل بمنصب «رئيس الغرفة التجارية»، وهو يقوم بنفس مهام شهبندر التجار من حيث الحفاظ على مصالح التجار وتجارتهم ويمثلهم أمام الحكومة وخلق اقتصاد محلى قوى ومنافس.

ليست هناك تعليقات: