الثلاثاء، 14 يوليو 2020

دور النساء في موروث الشعر والغناء بصعيد مصر

دور النساء في موروث الشعر والغناء بصعيد مصر

No photo description available.
كتب - محمد جمال سباق الحويطي
توارثت النساء في الريف الشعر وطلاقة اللسان ،على الرغم من عدم تعليمها ودراستها لهذا النوع من البلاغة في المدارس أو الجامعات، وعلى الرغم من بساطتها إلا أن البيئه التي تعيش فيها كونت شخصيتها ودربتها علي المحاكاه لكل شيء دون الحاجة لأحد والإعتماد على نفسها في البيت، فهي التي اذا ولد لها مولودًا مدحت في وصفه بأجمل الأشعار ، واذا ارادت أن ينام مولودها غنت له حتي يطمئن وينام ، وهي التي احتفلت بالاغاني في ختان ولدها ، وعند فرحه قالت أجمل المعاني في توديعة للعزوبية.
ولم يكن اللسان فقط هو الذي يعبر عن هذه المشاعر الأمومية ، لكن كانت الحواس والجسد ايضًا نوع من أنواع التعبير، فبكل لطف تطبطب علي كتفيه وتهز برجليها طفلها وهي تهمس بالأشعار لتهيئ له أجمل الأجواء ، وكذلك ترقص له احيانًا في فرحه بين النساء وهي تردد الكلمات التي خرجت فرحًا من قلبها.
ويذكرنا الشاعر الصعيدي عبدالرحمن الأبنودي - أشهر شعراء الصعيد - دائمًا بان يعود الفضل في معاني اغانية الى أمه التي شكلت وجدان اشعاره وهي السيدة "فاطمة قنديل" ، ويذكر أنه لما طلب منه المخرج/ رضوان الكاشف ، اغنية صعيدية تكون في فيلمه الشهير عرق البلح ، فاستنجد الابنودي بامه واعاد كلمات كانت تغنيها له امه وامهات الصعيد في هذا الوقت فرحا بمولودها وهي تدله وتدلعه فيقول :
بيبه عمى حماده
بيبه جابلى طبق
بيبه مليان نبق
بيبه قالى كلى
بيبه قلتله ماكولشى
بيبه وديه لامك
بيبه امى بعيد
بيبه اخر الصعيد
بيبه و الصعيد مات
بيبه خلف بنات
بيبه خلف بنيه
بيبه اد القطية
بيبه خدها علي
بيبا خدها بدبايح
بيبه و السمن سايح
بيبه سايح لفوق
بيبه و عمل له طوق
يالي يالي يالي يالي يالي يالى يالي
يا احمد على يا احمد على يا بوكميمة راسى
بيع البلح يا احمد على و هات لى دهان راسى
هات لى يالى يالى يالى هات لى دهان راسى
يا احمد على يا احمد على بيع نخلنا العالى
بيع النخل يا احمد على و لبسنى خلخالى
لبس يالى يالى يالى يالى لبسنى خلخالى
يا احمد على يا احمد على النخل راح ضله
بيع النخل يا احمد على بيع نخلنا كله
بيع يالى يالى يالى بيع نخلنا كله
يا احمد على اسمك على لسانى
بيع النخل يا احمد على و لبسنى كردانى
لبس يالى يالى يالى يالى لبسنى كردانى

فظلت في ذاكرة الأطفال هذه الصور الغنائية ،ويتذكرون أمهاتهم وجداتهم في كل وقت يرجعون فيه بالحنين إلى طفولتهم ، وتتوارث النساء هذه الكلمات وتعيد استخدامها وترديدها في المناسبات ، فتبقى دون توقف حتى مع الحداثة والأغاني الدخيلة علي المجتمع التي افسدت كثير من حياتنا وطبيعتنا البسيطة في ريف مصر.
_________________
باحث وكاتب في تاريخ صعيد مصر وتراثه

ليست هناك تعليقات: