الكاميرا وخدش الحياء ، والفاروق عمر
كتب/ محمد جمال سباق الحويطي
جلست في الأتوبيس وبجواري شاب يمسك
بهاتفه ويلتقط صورًا بالطريق للأماكن التي يمر بها الأتوبيس، أو التي يقف عندها، وكذلك
الناس التي تسير ، ومن بين هذه المشاهد التي استوقفتني: عندما نظر لأعلى ليلتقط
صورة لأمرأة تقف في شرفة منزلها الاثري وتنشر الملابس.
فقولت له :أنت بتصورها ليه ؟ فرد
على قائلًا: عندي صفحة على الفيس بعرض فيها الصور الطبيعية والغريبة واللي لها
موضوع.
فقولت له: لكن هذه خصوصية ! إنها سيدة تقف في بيتها تنشر ملابسها دون أن
تجرح أحد، فلماذا تجرح خصوصيتها !
فنظر لي وقال : وانت ليه اخذت الموضوع من هذه الزاوية ؟ هناك صور كثير
مشابهه وما في حد فكر تفكيرك !
قولت له أن الوضع لو أخذ بهذه النظرة البسيطة لأصبح مجتمعنا مجتمع يخدش
الحياء ويتطفل علي الخصوصية ،ويقدم للناس اسوأ صورة ويستخدم التقنية في اسوأ
استخدام.
وتذكرت ما جاء في التاريخ عند فتح مصر ،وبناء القبائل خططها في الفسطاط وكانت
البيوت عبارة عن احواش متساوية لا يعلو أحدهم الأخر حتى لا يكون هناك خدش لحياء
الجار ،ولقد روى أن : خارجة بن حذافة أول من بني غرفة بمصر( أي اعتلى دور ثاني في
البناء) ، فبلغ ذلك عمر بن الخطاب فكتب إلى عمرو بن العاص : "سلام أما بعد
فانه بلغني أن خارجة بن حذافة ،بنى غرفة ولقد أراد خارجة ان يطلع علي عورات جيرانه
، فاذا اتاك كتابي هذا فاهدمها ان شاء الله والسلام ".