مقالي الجديد الصادر عن جريدة صدى المستقبل في الموافق الاربعاء 15 صفر 1440هـ - 24 اكتوبر 2018م العدد 73
كتب- محمد جمال سباق الحويطي
يا عبدالناصر ، حيرت قلبي معاك
يبقى أبوخالد جمال عبدالناصر أكثر
الزعماء العرب الذين حصلوا علي شهره كبيرة بين الشعوب العربية والأفريقية ، وسميت في
أغلب العواصم العربية شوارع باسم عبدالناصر ، ونظمت القصائد والأشعار على اسمه
وتغنى بها الناس في الوطن العربي ،تخليداً له، وتقديراً من هذه الشعوب ومحبتاً فيه،
فقد أستطاع هذا الرجل أن يكسر حاجز الحدود بين البلاد العربية وجعل من نفسه اسم
رئيس عربي وليس رئيس دولة بعينها من هذه الدول العربية، قد يكون عليه كثير من
علامات الاستفهام من البعض، وكثير منا يلحق الهزائم له وأنه فشل في كثير من الخطط،
إلا أن من الثابت ورغم كل هذه الهزائم ، لايزال بعد ما يقرب من نصف قرن على وفاته
يملأ الدنيا ويشغل الناس.
جلست مع أحد اقربائي والذي توفي هذا
العام عن عمر يناهز 88 سنة رحمه الله، معاصراً بذلك من الملك فؤاد مرورًا بكل
الرؤساء حتى وفاته بهذا العام ، لم يستطع أحد في وجوده أن يتحدث بما لا يليق
بعبدالناصر وكان دائمًا مادحًا له مترحمًا عليه ،ويقول كنا في وقت الملك - ويقصد
الملك فاروق الذي عاش فترة شبابه أبان حكمة- ، طبقتين إما اغنية غنى فاحش وإما
فقير ليس له ملجأ الا الله ، وكان الظلم متفشي وقتها، بل كان من الصعب أن تجد فرصة
لتحسن دخلك وترفع من مستواك ، حتى جاء عبدالناصر ، وتغير الأمر بعض الشيء وكان مُرضيًا
للكثير والغالبية وقتها كانوا مرحبين بمشروعه وإصلاحاته .
لم يكن هذا الرجل وحده ،لكن هو وكثير
من جيله علي نفس النهج كلما تحدثت مع أحدهم كانت نفس العصبية التي تتوج حديثهم اذا
اتت سيرة الرجل ، فإن عشق عبدالناصر تحول ليكون مخلداً عندهم ليس في أسماء الشوارع
والقصائد التى تغنت له ،ولكن وصل الى تسمية أبنائهم باسم الرجل إما جمال وإما
عبدالناصر فالاسمين اشتهروا عند الشعوب العربية من الخمسينات وكثرت التسميه بهم
تخليداً لاسم هذا الرجل.
لكن كثير من الشباب من جيلي وممن قبلهم أو بعدهم، لم يعاصروا هذه
الفترة العصيبة التي شغلت بال الجميع وكانت محل خلاف كبير بينهم ، فهم أمام رئيس أربك
عقولهم ! الأمر لم يقتصر علي الشباب فقط ولكن المهتمين وبعض الخبراء السياسيين
ارتبكوا وفي حيرة من أمر الرجل .
فأنا أعيش هذه الحيرة كأحد أبناء هذه الأجيال ،كلما
فتح الحديث عن عبدالناصر بين محبيه وبين كارهيه إن صح التعبير، حتى اجد نفسي لا
بين هؤلاء ولا من هؤلاء ، فعندما استمع لخطب عبدالناصر يلين قلبي لمحتوى خطبه وللهتافات
العربية الواحدة خلف رجل واحد ، فهذا هو الحلم الذي نتمناه ! ، وعندما أتذكر
الهزائم ، وأسمع عن المعتقلات فترة حكمة وما كان فيها من تفشي وظلم وظلمات، يغلظ
قلبي ناحيته ، فأجد لسان حالي يقول يا عبدالناصر حيرت قلبي معاك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق