ما ذكر عن مدينة الحَلة العراقية
كتاب تذكرة بالأخبارعن اتّفاقات الأسفار لابن ُجبير:
هي مدينة كبيرة عتيقة مستطيلة لم يبق من سورها الا حلق من جدار ترابي
مستدير بها وهي علي شط الفراط يتصل بها من جانبها الشرقي ويمتد بطولها
ولهذه المدينة اسواق حفيلة جامعة المرافق المدنية الصناعات الضرورية وهي
قوية العمارة كثيرة الخلق متصلة حدائق النخيل داخلا وخارجا فديارها بين
حدائق النخيل والفينا بها جسرا عظيما معقودا علي مراكب كبار متصلة من الشط
الي الشط تحف بها من جانبها سلاسل من حديد كالاذرع المفتولة عظما وضخامة ترتبط الي خشب مثبتة في كلا الشطين تدل علي عظم الاستطاع والقدرة،
أمر الخليفة بعقدة على الفرات اهتماماً بالحاج واعتناء بسبيله وكانوا قبل
ذلك يعبرون في المراكب، فوجدوا هذا الجسر قد عقده الخليفة في مغيبهم، ولم
يكن عند شخوصهم مكة شرفها الله.
وعبرنا الجسر ظهر يوم الأحد المذكور
ونزلنا بشط الفرات على مقدار فرسخ من البلد، وهذا النهر كاسمه فرات، هو من
أعذب المياه وأخفها، وهو نهر كبير زخار، تصعد فيه السفن وتنحدر.
والطريق من الحلة بغداد أحسن طريق وأجملها، في بسائط من الأرض وعمائر، تتصل
بها القرى يميناً وشمالاً. ويشق هذه البسائط أغصان من ماء الفرات تتسرب
بها وتسقيها، فمحرثها لاحد لاتساعه وانفساحه، فللعين في هذا الطريق مسرح
انشراح، وللنفس مراح انبساط وانفساح، والأمن فيها متصل، بحمد الله سبحانه
وتعالى.
_________
مما درست - الجامعة الامريكية بالقاهرة- مؤسسة ادراك - ادب الرحلة
محمد جمال سباق أبوالطقيشي الحويطي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق