الاثنين، 4 يونيو 2018

الحصاد نيوز :"سبيل الماشية" ظاهرة اندثرت لقلة الزراعة وندرة الماشية


"سبيل الماشية" ظاهرة اندثرت لقلة الزراعة وندرة الماشية 

كتبه/ محمد جمال سباق الحويطي
لم يقتصر سبيل المياه بالطرقات العامة على عابر السبيل من البشر ،لكنه عم ليشمل الحيوانات أيضًا؛ فقبل 15 عام على الأقل كانت تنعم القرى من ريف مصر بأحواض سبيل مياه ،عباره عن بناء مستطيل مجوف تملئه المياه ،وذلك اما بواسطة بئر بجوار هذا الحوض، أو بطلمة تسحب المياه في الحوض ،أو باتصاله بصنبور مياه -وهذا حديثُا- ، ويكون هذا الحوض إما امام المساجد الكبيرة بالقرية او بالمناطق الهامشية والبعيدة منها ،وكان لا يقل عن عشرة من سبيل المياه للحيوانات في القرية الواحدة،
فتشرب منه الماشية من الحيوانات التي تسير بالطرقات ،وكذا تقف الطيور وترتوي منه في مشهد جميل من مشاهد الريف ، وكانت هذه الاحواض تُغسل كل يوم وتملأ أول بأول وتحظي باهتمام من العاملين عليها ، فتروي الحيوان من العطش ، وتقية من الشمس الحارة في تلك البلاد وخاصة بصعيد مصر ، حتى أن هذه الحيوانات كانت تعتاد أن تقف دون أن يوجهها أحد لتشرب من هذه الأحواض عندما تحتاج لترتوي بعد مجهود طويل وتعب آلمَ بها خلال رحلة الرعي .
انتشرت هذه الظاهرة لكثرت امتلاك الفلاحين لرؤوس الاغنام والبقر والحمير ،والتي كانت ترعي وتجول بالطريق لتصل من حظيرة الماشية إلى الحقول ،وقد اختفت بشكل ملحوظ بالتوازي مع قلة امتلاك الفلاح لمثل هذه الحيوانات ورعايتها ،وذلك بسبب قلة الزراعة وعدم مراعاة الأرض لأسباب كثيرة تعود للعبء الذي تحمله الفلاح من الزراعة.
ومع اندثار هذه الظاهرة في قرى مصر الا أن هناك النزر اليسير منها والذي أصبح في طوى الإهمال والتهميش والاندثار لعدم الحاجة اليها، ففي قرية "الهدايات" بقنا يطلعنا عبدالناصر شاكر القط  المدرس الاول للرياضيات والمهتم بالتراث وتاريخ القرى، أن بقريته يبقي من هذا السبيل واحداً فقط يعرف بـ سبيل "العورجي" وهو وقف من الحاجة "سليمة محمد عتمان" من عشرينات القرن الماضي أوقفت علية مساحة 6 قراريط لمن يقوم بخدمة وتنظيف السبيل فتكفل الحاج "عبدالباسط العورجي" بذلك ولذا سمى سبيل العورجي وما زال أحفاده الآن يقومون بخدمة السبيل حتي يومنا هذا وهو عبارة عن حوض ماء تشرب منه المواشي وكذا عدد 2 زير لترتوي العطشى من البشر.
وفي قرية كوم الضبع بمركز نقادة محافظة قنا ،يوجد بئر الحرابوة وملحق به سبيل مياه للماشية من الحيوانات كما انه بجواره مصلى تقام بها الصلوات الخمس من القدم، وقد حدثني السيد حمدان خضري الحربى، وهو من ورثة هذا المكان ،بأن عمر السبيل والبئر تجاوز 150 عام وانه مازال بهيئته وحالته رغم السنين الطوال التى مرت على هذا المكان.
أما في محافظة سوهاج فمازالت تحتفظ ببعض الأسبلة التى خصصت للماشية منذ زمن ،كمثل سبيل "عطى احمد حاكم" بمركز جرجا قرية بيت خلاف، وهو على اسم مؤسسة وقد بناه في سنة 1870م ،وظل إلى الأن عامراً ويقوم على متابعته ورعايته أحفاده، حسب ما ذكر لي الباحث رافت سعيد الخطابي من ابناء القرية، وأن الجمال تقف على هذ السبيل لتشرب منه في موسم حمل البوص في مشهد متكرر من كل عام.
وغير ذلك من الأمثلة الحية لهذه الظاهرة ،التى تعد من المعالم البشرية التى صنعها الإنسان لاحتياجه الحياتية لها ،والتي اندثر الغالبية منها ،رغم أنها كانت منتشرة في يوم من الأيام بكل القرى ،عندما كان هناك ماشية ترعى وتحرث وتنتج ،وارض تزرع وتحصد .



سبيل العورجي 

سبيل الحرابوة

سبيل عطى احمد حاكم

http://www.elhasd.com/n15153